بحث عن كتاب
كتاب من بلاغة القرآن لاحمد احمد بدوي

تحميل كتاب من بلاغة القرآن PDF

التصنيف : كتب إسلامية
الفئة : ISLAM
سنة النشر : غير محدد
عدد الصفحات : غير محدد
عن الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم من بلاغة الألفاظ في القرآن الكريم من الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم اختياره صيغاً ذات معان متعددة، وهذا الاختيار من الكثرة بحيث يكاد يكون ظاهرة أسلوبية يتميز بها التوظيف البلاغي لصيغة الكلمة في القرآن الكريم خاصة. وقد أحببت أن أكشف عما قاله علماء اللغة والتفسير في بعض الألفاظ المختارة في القرآن الكريم، فقمت باختيار صيغتين: إحداهما صيغة: "مُفْعَل" بضم الميم وسكون الفاء، وفتح العين. والثانية: صيغة "فَعِيْل" بضم الفاء وكسر العين. وقد تحصل لي – بفضل الله – ما يأتي: أولا: صيغة "مُفْعَل" ومن أمثلتها قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾[النساء:31]. فقد عبرت الآية بصيغة "مُفْعَل" بضم الميم وفتح العين في "مُدْخَل" وهذه الصيغة صالحة لكي تكون اسم مفعول من الفعل "أَدْخَلَ" وصالحة لأن تكون مصدراً بمعنى الدخول، وصالحة – أيضاً – لأن تكون اسم مكان. وهي في هذه الآية تحتمل أن تكون اسم مكان، فيكون التقدير: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مكاناً كريماً، وهو الجنة وحسبك بها مكاناً كريماً وتحتمل أن تكون مصدراً بمعنى الإدخال. والتقدير: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم إدخالاً كريماً، وهذا الإدخال الكريم يظهر من خلال مغايرته تعالى في التعبير عن إدخال كل من الفريقين إلى مستقره في سورة الزمر، حيث قال في شأن الكافرين: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾[الزمر:71]، وقال في شأن المتقين: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾[الزمر:73]. فأتى بواو الحال مع أهل الجنة، فكأنه قيل: حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها لهم مستقبلة لهم بالحفاوة والتكريم، وهذا هو الإدخال الكريم، وأَعْظِمْ به من إدخال!! والحمل على المعنيين في مثل هذا الموضع هو من الإعجاز القرآني، وذلك لما فيه من اتساق المعاني وتآزرها على توفية المقام حقه، وهو الترغيب في جزاء اجتناب مناهيه وزواجره سبحانه وتعالى، ويكون التقدير في الآية: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم إدخالاً كريماً في مكان كريم وهو الجنة!! فاللهم لا تحرمنا منها!! ومنه قوله تعالى في وصف الشهداء والمهاجرين في سبيل الله: ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾[الحج:59]. فقوله ﴿مُدْخَلاً﴾ يحتمل ان يكون اسم مكان، فيكون المعنى: لندخلهم مكاناً يرضونه وهو الجنة، أو مكاناً خاصاً بهم في الجنة، ويحتمل أن يكون مصدراً ويكون المعنى: لندخلنهم إدخالاً يرضونه، أي: أنهم يجدون عند دخولهم مالا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، أو أن رضاهم يكون عندما يجدون أن دخولهم الجنة كان من غير مشقة تنالهم، بل براحة واحترام. قال الألوسي: «﴿مدخلا﴾ إما اسم مكان أريد به الجنة، كما قال السدي، وغيره، أو درجات فيها مخصوصة بأولئك الشهداء والمهاجرين كما قيل، وقيل: هو خيمة من درة بيضاء لا فصم فيها ولا وصم، لها سبعون ألف مصراع. أو هو مصدر ميمي، وهو على الاحتمال الأول مفعول ثانٍ للإدخال، وعلى الاحتمال الثاني مفعول مطلق، ووصفه بيرضونه على الاحتمالين؛ لِمَا أنهم يرون إذا أدخلوا – مالا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وقيل على الثاني: إن رضاهم هو إدخالهم من غير مشقة تنالهم بل براحة واحترام»([1]). صيغة "فعيل" ومن أمثلتها قوله تعالى: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة:14]، فقد ذكر العلماء في لفظ ﴿بصيرة﴾ ثلاثة أقوال: «أحدهما: أنه اسم مصدر، فيكون المعنى أن الإنسان هو بصيرة على نفسه، أي: أنه سِجِلُّ على نفسه، فهو كما تقول: أنت حجة وبرهان على نفسك". الثاني: أنه صيغة مبالغة، ودخلت الهاء على صفة المذكر كما دخلت على راوية وعلامة وطاغية. الثالث: أن البصيرة هي جوارحه تشهد عليه بما عمل»([2]). وهذه الأقوال الثلاثة مما يحتمله سياق الآية، ولا مانع من حمل المعنى عليها جميعا، فالسياق لا يأباه، بل يأتلف معها أتم الائتلاف، فالإنسان في هذا اليوم بصير على نفسه أتم البصر، فقد انكشف عنه غطاء الغفلة والشهوات ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾[ق:22]. «فجاء البصر موصوفاً بحديد على سبيل المبالغة، مما يشعر بقوة البصر والبصيرة في هذا اليوم، وله من جوارحه بصيرة له وعليه»([3]). وهو نفسه بصيرة، أي حجة على نفسه، ومن ثم تتلاقى ظلال تلك المعاني جميعاً لإثراء المعنى([4]). ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ﴾[يس:43]. حيث حمل المفسرون صيغة "فعيل" في لفظة "صريخ" على ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون بمعنى فاعل "صارخ" والتقدير: وإن نشأ نغرقهم فلا صارخ لهم، أي: فلا مستغيث منهم. ثانيها: أن تكون بمعنى مُفعِل "مُصْرِخ" والتقدير: وإن نشا نغرقهم فلا مصرخ لهم، أي: فلا مغيث لهم ولا منقذ. ثالثها: أن تكون بمعنى المصدر، أي: الصُّراخ، والتقدير: وإن نشأ نغرقهم فلا صراخ لهم، ولا إصراخ، أي لا يستغيثون ولا يغاثون. وبالتأمل في الآية يظهر لنا أن هذه الصيغة تحتمل أغلب الوجوه المذكورة، فقد يكون الصريخ بمعنى المغيث والمنقذ، وهو ما رجحه السمين الحلبي، والآلوسي وغيرهما؛ وذلك لأن الآية في معرض تصوير تخويف البشر من قدرة الله تعالى عليهم، فهو إن يشأ يغرقهم فلا مغيث لهم إن صرخوا واستغاثوا. وقد يكون الصريخ بمعنى الصارخ وبمعنى الصراخ، فلا صارخ لهم، ولا صراخ ويمكن توجيهه على حال الاستئصال، أي: نستأصلهم، فلا يحصل منهم صراخ فضلا أن يكون منهم صارخ موجود. وهذا المعنى يدعم ما الآية بصدده من تخويف العبد، وذلك بتصوير هيئة الصارخ وكثرة الصراخ عند معاينته الأهوال مع افتقاده المغيث والمنقذ، أو المعين. .
أعلان

نبذة عن كتاب من بلاغة القرآن

كتاب من بلاغة القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم من بلاغة الألفاظ في القرآن الكريم من الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم اختياره صيغاً ذات معان متعددة، وهذا الاختيار من الكثرة بحيث يكاد يكون ظاهرة أسلوبية يتميز بها التوظيف البلاغي لصيغة الكلمة في القرآن الكريم خاصة. وقد أحببت أن أكشف عما قاله علماء اللغة والتفسير في بعض الألفاظ المختارة في القرآن الكريم، فقمت باختيار صيغتين: إحداهما صيغة: "مُفْعَل" بضم الميم وسكون الفاء، وفتح العين. والثانية: صيغة "فَعِيْل" بضم الفاء وكسر العين. وقد تحصل لي – بفضل الله – ما يأتي: أولا: صيغة "مُفْعَل" ومن أمثلتها قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾[النساء:31]. فقد عبرت الآية بصيغة "مُفْعَل" بضم الميم وفتح العين في "مُدْخَل" وهذه الصيغة صالحة لكي تكون اسم مفعول من الفعل "أَدْخَلَ" وصالحة لأن تكون مصدراً بمعنى الدخول، وصالحة – أيضاً – لأن تكون اسم مكان. وهي في هذه الآية تحتمل أن تكون اسم مكان، فيكون التقدير: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مكاناً كريماً، وهو الجنة وحسبك بها مكاناً كريماً وتحتمل أن تكون مصدراً بمعنى الإدخال. والتقدير: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم إدخالاً كريماً، وهذا الإدخال الكريم يظهر من خلال مغايرته تعالى في التعبير عن إدخال كل من الفريقين إلى مستقره في سورة الزمر، حيث قال في شأن الكافرين: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾[الزمر:71]، وقال في شأن المتقين: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾[الزمر:73]. فأتى بواو الحال مع أهل الجنة، فكأنه قيل: حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها لهم مستقبلة لهم بالحفاوة والتكريم، وهذا هو الإدخال الكريم، وأَعْظِمْ به من إدخال!! والحمل على المعنيين في مثل هذا الموضع هو من الإعجاز القرآني، وذلك لما فيه من اتساق المعاني وتآزرها على توفية المقام حقه، وهو الترغيب في جزاء اجتناب مناهيه وزواجره سبحانه وتعالى، ويكون التقدير في الآية: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم إدخالاً كريماً في مكان كريم وهو الجنة!! فاللهم لا تحرمنا منها!! ومنه قوله تعالى في وصف الشهداء والمهاجرين في سبيل الله: ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾[الحج:59]. فقوله ﴿مُدْخَلاً﴾ يحتمل ان يكون اسم مكان، فيكون المعنى: لندخلهم مكاناً يرضونه وهو الجنة، أو مكاناً خاصاً بهم في الجنة، ويحتمل أن يكون مصدراً ويكون المعنى: لندخلنهم إدخالاً يرضونه، أي: أنهم يجدون عند دخولهم مالا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، أو أن رضاهم يكون عندما يجدون أن دخولهم الجنة كان من غير مشقة تنالهم، بل براحة واحترام. قال الألوسي: «﴿مدخلا﴾ إما اسم مكان أريد به الجنة، كما قال السدي، وغيره، أو درجات فيها مخصوصة بأولئك الشهداء والمهاجرين كما قيل، وقيل: هو خيمة من درة بيضاء لا فصم فيها ولا وصم، لها سبعون ألف مصراع. أو هو مصدر ميمي، وهو على الاحتمال الأول مفعول ثانٍ للإدخال، وعلى الاحتمال الثاني مفعول مطلق، ووصفه بيرضونه على الاحتمالين؛ لِمَا أنهم يرون إذا أدخلوا – مالا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وقيل على الثاني: إن رضاهم هو إدخالهم من غير مشقة تنالهم بل براحة واحترام»([1]). صيغة "فعيل" ومن أمثلتها قوله تعالى: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة:14]، فقد ذكر العلماء في لفظ ﴿بصيرة﴾ ثلاثة أقوال: «أحدهما: أنه اسم مصدر، فيكون المعنى أن الإنسان هو بصيرة على نفسه، أي: أنه سِجِلُّ على نفسه، فهو كما تقول: أنت حجة وبرهان على نفسك". الثاني: أنه صيغة مبالغة، ودخلت الهاء على صفة المذكر كما دخلت على راوية وعلامة وطاغية. الثالث: أن البصيرة هي جوارحه تشهد عليه بما عمل»([2]). وهذه الأقوال الثلاثة مما يحتمله سياق الآية، ولا مانع من حمل المعنى عليها جميعا، فالسياق لا يأباه، بل يأتلف معها أتم الائتلاف، فالإنسان في هذا اليوم بصير على نفسه أتم البصر، فقد انكشف عنه غطاء الغفلة والشهوات ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾[ق:22]. «فجاء البصر موصوفاً بحديد على سبيل المبالغة، مما يشعر بقوة البصر والبصيرة في هذا اليوم، وله من جوارحه بصيرة له وعليه»([3]). وهو نفسه بصيرة، أي حجة على نفسه، ومن ثم تتلاقى ظلال تلك المعاني جميعاً لإثراء المعنى([4]). ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ﴾[يس:43]. حيث حمل المفسرون صيغة "فعيل" في لفظة "صريخ" على ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون بمعنى فاعل "صارخ" والتقدير: وإن نشأ نغرقهم فلا صارخ لهم، أي: فلا مستغيث منهم. ثانيها: أن تكون بمعنى مُفعِل "مُصْرِخ" والتقدير: وإن نشا نغرقهم فلا مصرخ لهم، أي: فلا مغيث لهم ولا منقذ. ثالثها: أن تكون بمعنى المصدر، أي: الصُّراخ، والتقدير: وإن نشأ نغرقهم فلا صراخ لهم، ولا إصراخ، أي لا يستغيثون ولا يغاثون. وبالتأمل في الآية يظهر لنا أن هذه الصيغة تحتمل أغلب الوجوه المذكورة، فقد يكون الصريخ بمعنى المغيث والمنقذ، وهو ما رجحه السمين الحلبي، والآلوسي وغيرهما؛ وذلك لأن الآية في معرض تصوير تخويف البشر من قدرة الله تعالى عليهم، فهو إن يشأ يغرقهم فلا مغيث لهم إن صرخوا واستغاثوا. وقد يكون الصريخ بمعنى الصارخ وبمعنى الصراخ، فلا صارخ لهم، ولا صراخ ويمكن توجيهه على حال الاستئصال، أي: نستأصلهم، فلا يحصل منهم صراخ فضلا أن يكون منهم صارخ موجود. وهذا المعنى يدعم ما الآية بصدده من تخويف العبد، وذلك بتصوير هيئة الصارخ وكثرة الصراخ عند معاينته الأهوال مع افتقاده المغيث والمنقذ، أو المعين. .


هذا الكتاب من تأليف احمد احمد بدوي و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

تحميل
التحميل حجم الكتاب
تحميل غير محدد فى الوقت الحالى
أضافة مراجعة
0.0 / 5
بناء على 0 مراجعة
1 (0)
2 (0)
3 (0)
4 (0)
5 (0)
كتب ذات صلة