بحث عن كتاب
كتاب حياة إبراهيم لمحمود شلبى

تحميل كتاب حياة إبراهيم PDF

المؤلف : محمود شلبى
التصنيف : كتب التاريخ
سنة النشر : 1967
عدد الصفحات : غير محدد
عن الكتاب : 1967م - 1443هـ نبذة عن الكتاب : إبراهيم حسب الدين الإسلامي هو أحد الأنبياء والرسل. ذُكر إبراهيم في 35 موضعاً من القرآن. ويعتبره المسلمون نبيًا وأبًا ورمزًا للمسلم المثالي. وفي التقاليد الإسلامية، يُنظر لإبراهيم أنه الرائد الأول للإسلام. وأن هدفه ورسالته طوال حياته كانت لإعلان وحدانية الله. ويشار لإبراهيم في الإسلام ب"إبراهيم الخليل" وهذا يعني أنه صديق الله. وفي كل صلاة هناك ما يعرف بالصلاة الإبراهيمية وفيها الدعوة بالصلاة والتبريك لمحمد وإبراهيم وآلهم. مولده نشأ إبراهيم في أرض بابل في العراق قديما في بيئة وثنية شاع فيها ما يُعبد من دون الله، فقسم كان يعبد الأصنام وقسم آخر كان يعبد الكواكب. و قيل أنهم كانوا جميعا يعبدون الكواكب لكنهم رمزوا لها بأصنام وتماثيل كانوا يقتربون إليها. ورد في القرآن -خلافا لما في العهد القديم- أن إبراهيم بن آزر Ra bracket.png وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ Aya-74.png La bracket.png (سورة الأنعام، الآية 74) إلا أنه قيل في تفسير الآية أنه عمه وليس أباه وناداه أبتاه لأنه هو الذي رباه. مختصر سيرته يذكر القرآن قصته مع قومه حيث دعاهم إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة الله وحده، فأبوا محتجين بتمسكهم بدين آبائهم، لكن إبراهيم كسر أصنامهم باستثناء أكبر تلك الأصنام أثناء غيابهم Ra bracket.png فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ Aya-58.png La bracket.png (سورة الأنبياء، الآية 58). وعندما اكتشفوا ذلك قرروا حرقه في النار إلا أن مشيئة الله -كما في القرآن- جعلت من النار برداً وسلاما عليه Ra bracket.png قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ Aya-69.png La bracket.png (سورة الأنبياء، الآية 69)، وتميّز خطاب إبراهيم في القرآن بالصيغ الاستفهامية متعددة الأغراض، وفي ذلك قوة تعبيرية موجزة. ثم هاجر إبراهيم إلى فلسطين وسكن قرب قرية أربع (وهي مدينة كنعانية) في المكان الذي أنشأت فيه فيما بعد مدينة الخليل، وفيها الحرم الإبراهيمي الذي يعتقد أنه مدفون فيه. عندما ذهب إلى مصر تزوج هاجر وأنجبت له إسماعيل، أما زوجته الأولى سارة فأنجبت له فيما بعد إسحاق، وكلاهما من الأنبياء. روى البخاري في صحيحه قال: أولُ ما اتَّخَذَ النساءُ المِنْطَقَ من قبلِ أم إسماعيلَ، اتخذتْ مِنْطَقًا لتُعفي أَثَرها على سارةَ، ثم جاء بها إبراهيمُ وبابنها إسماعيلَ وهي ترضعُهُ، حتى وضعها عند البيتِ، عند دَوْحَةٍ فوق زمزم في أعلى المسجدِ، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ، وليس بها ماءٌ، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جِرَابًا فيهِ تمرٌ، وسقاءً فيهِ ماءٌ، ثم قَفَّى إبراهيمُ منطلقًا، فتبعتْهُ أمُّ إسماعيلَ، فقالت : يا إبراهيمُ، أين تذهبُ وتتركنا بهذا الوادي، الذي ليس فيهِ إنسٌ ولا شيٌء ؟ فقالت لهُ ذلك مرارًا، وجعل لا يتلفتُ إليها، فقالت لهُ : آللهُ الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم، قالت : إذن لا يُضَيِّعُنَا، ثم رجعتُ، فانطلقَ إبراهيمُ حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ حيثُ لا يرونَهُ، استقبلَ بوجهِهِ البيتَ، ثم دعا بهؤلاءِ الكلماتِ، ورفع يديهِ فقال : رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ - حتى بلغ - يَشْكُرُونَ. وجعلت أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ وتشربُ من ذلك الماءِ، حتى إذا نفذَ ما في السِّقَاءِ عطشتْ وعطشَ ابنها، وجعلت تنظرُ إليهِ يَتَلَوَّى، أو قال يتلبَّطُ، فانطلقت كراهيةَ أن تنظرَ إليهِ، فوجدتِ الصفا أقربُ جبلٍ في الأرضِ يليها، فقامت عليهِ، ثم استقبلتِ الوادي تنظرُ هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا، فهبطتْ من الصفا حتى إذا بلغتِ الوادي رفعتْ طرفَ درعها، ثم سعت سعيَ الإنسانِ المجهودِ حتى إذا جاوزتِ الوادي، ثم أتتِ المروةَ فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا، ففعلت ذلك سبعَ مراتٍ. قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (فذلك سعيُ الناسِ بينهما). فلما أشرفت على المروةِ سمعت صوتًا، فقالت صَهْ - تريدُ نفسها - ثم تَسَمَّعَتْ، فسمعت أيضًا، فقالت : قد أُسْمِعْتُ إن كان عندكَ غَوَاثٌ، فإذا هي بالمَلَكِ عند موضعِ زمزمَ، فبحث بعقبِهِ، أو قال : بجناحِهِ، حتى ظهرِ الماءِ، فجعلت تَحُوضُهُ وتقولُ بيدها هكذا، وجعلت تغرُفُ من الماءِ في سقائها وهو يفورُ بعد ما تغرفُ. قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (يرحمُ اللهُ أم إسماعيلَ، لو كانت تركت زمزمَ - أو قال : لو لم تغرف من الماءِ - لكانت زمزمُ عينًا معينًا). قال : فشربت وأرضعتْ ولدها، قال لها الملَكُ : لا تخافوا الضَّيْعَةَ، فإنَّ ها هنا بيتُ اللهِ، يبني هذا الغلامُ وأبوهُ، وإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهلَهُ. وكان البيتُ مرتفعًا من الأرضِ كالرابيةِ، تأتيهِ السيولُ، فتأخذُ عن يمينِهِ وشمالِهِ، فكانت كذلك حتى مَرَّتْ بهم رفقةٌ من جُرْهُمَ، أو أهلُ بيتٍ من جُرْهُمَ، مقبلينَ من طريقِ كَدَاءٍ، فنزلوا في أسفلِ مكةَ، فرأوا طائرًا عائفًا، فقالوا : إنَّ هذا الطائرَ ليدورُ على ماءٍ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيهِ ماءٌ، فأرسلوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فإذا هم بالماءِ، فرجعوا فأخبروهم بالماءِ فأقبلوا، قال : وأمُّ إسماعيلَ عند الماءِ، فقالوا : أتأذنينَ لنا أن ننزلَ عندكِ ؟ فقالت : نعم، ولكن لا حقَّ لكم في الماءِ، قالوا : نعم. قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (فألفى ذلك أمُّ إسماعيلَ وهي تُحِبُّ الأُنْسَ). فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهلُ أبياتٍ منهم، وشبَّ الغلامُ وتعلَّمَ العربيةَ منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ، فلما أدركَ زوَّجوهُ امرأةً منهم، وماتت أمُّ إسماعيلَ، فجاء إبراهيمُ بعد ما تزوجَ إسماعيلُ يُطالعُ تَرِكَتَهُ، فلم يجد إسماعيلَ، فسأل امرأتَهُ عنهُ فقالت : خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت : نحنُ بشرٌ، نحنُ في ضيقٍ وشدةٍ، فشكت إليهِ، قال : فإذا جاء زوجكِ فاقرئي عليهِ السلامَ، وقولي لهُ يُغَيِّرْ عتبةَ بابِهِ، فلما جاء إسماعيلُ كأنَّهُ آنسَ شيءًا، فقال : هل جاءكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم، جاءنا شيخٌ كذا وكذا، فسأَلَنَا عنكَ فأخبرتُهُ، وسألني كيف عيشنا، فأخبرتُهُ أنَّا في جهدٍ وشدةٍ، قال : فهل أوصاكِ بشيٍء ؟ قالت : نعم، أمرني أن أقرأَ عليك السلامَ، ويقولُ : غَيِّرْ عتبةَ بابكَ، قال : ذاك أبي، وقد أمرني أن أُفَارِقَكِ، الحقي بأهلِكِ، فطلَّقها، وتزوَّجَ منهم أخرى، فلبثَ عنهم إبراهيمُ ما شاء اللهُ، ثم أتاهم بعدُ فلم يجدْهُ، فدخل على امرأتِهِ فسألها عنهُ، قالت : خرج يبتغي لنا، قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، قالت : نحنُ بخيرٍ وسِعَةٍ، وأثنتْ على اللهِ. فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحمُ. قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماءُ. قال : اللهمَّ بارِكْ في اللحمِ والماءِ. قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (ولم يكن لهم يومئذٍ حَبٌّ، ولو كان لهم دعا لهم فيهِ). قال : فهما لا يَخلو عليهما أحدٌ بغيرِ مكةَ إلا لم يُوافقاهُ. قال : فإذا جاء زوجكِ فاقرئي عليهِ السلامَ، ومُرِيهِ يُثَبِّتْ عتبةَ بابِهِ، فلما جاء إسماعيلُ قال : هل أتاكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم، أتانا شيخٌ حسنُ الهيئةِ، وأثنتْ عليهِ، فسألني عنك فأخبرتُهُ، فسألني كيف عيشنا فأخبرتُهُ أنَّا بخيرٍ، قال : فأوصاكِ بشيٍء، قالت : نعم، هو يقرأُ عليك السلامَ، ويأمرك أن تُثَبِّتْ عتبةَ بابكَ، قال : ذاك أبي وأنتِ العتبةُ، أمرني أن أُمْسِكَكِ، ثم لبث عنهم ما شاء اللهُ، ثم جاء بعد ذلك، وإسماعيلُ يَبْرِي نَبْلًا لهُ تحت دَوْحَةٍ قريبًا من زمزمَ، فلما رآهُ قام إليهِ، فصنعا كما يصنعُ الوالدُ بالولدِ والولدُ بالوالدِ، ثم قال : إنَّ اللهَ أمرني بأمرٍ، قال : فاصنع ما أمر ربكَ، قال : وتُعينني ؟ قال : وأُعينكَ، قال : فإنَّ اللهَ أمرني أن أبني ها هنا بيتا، وأشار إلى أَكْمَةٍ مرتفعةٍ على ما حولها، قال : فعند ذلك رفعا القواعدَ من البيتِ، فجعل إسماعيلُ يأتي بالحجارةِ وإبراهيمُ يبني، حتى إذا ارتفعَ البناءُ، جاء بهذا الحجرِ، فوضعَهُ لهُ فقام عليهِ، وهو يبني وإسماعيلُ يُنَأوِلُهُ الحجارةَ، وهما يقولانِ : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. قال : فجعلا يبنيانِ حتى يدورا حول البيتِ وهما يقولانِ : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ويمثل كتاب حياة إبراهيم أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج كتاب حياة إبراهيم ضمن نطاق مؤلفات التراجم وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافة. .
أعلان

نبذة عن كتاب حياة إبراهيم

كتاب حياة إبراهيم

1967م - 1443هـ نبذة عن الكتاب : إبراهيم حسب الدين الإسلامي هو أحد الأنبياء والرسل. ذُكر إبراهيم في 35 موضعاً من القرآن. ويعتبره المسلمون نبيًا وأبًا ورمزًا للمسلم المثالي. وفي التقاليد الإسلامية، يُنظر لإبراهيم أنه الرائد الأول للإسلام. وأن هدفه ورسالته طوال حياته كانت لإعلان وحدانية الله. ويشار لإبراهيم في الإسلام ب"إبراهيم الخليل" وهذا يعني أنه صديق الله. وفي كل صلاة هناك ما يعرف بالصلاة الإبراهيمية وفيها الدعوة بالصلاة والتبريك لمحمد وإبراهيم وآلهم. مولده نشأ إبراهيم في أرض بابل في العراق قديما في بيئة وثنية شاع فيها ما يُعبد من دون الله، فقسم كان يعبد الأصنام وقسم آخر كان يعبد الكواكب. و قيل أنهم كانوا جميعا يعبدون الكواكب لكنهم رمزوا لها بأصنام وتماثيل كانوا يقتربون إليها. ورد في القرآن -خلافا لما في العهد القديم- أن إبراهيم بن آزر Ra bracket.png وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ Aya-74.png La bracket.png (سورة الأنعام، الآية 74) إلا أنه قيل في تفسير الآية أنه عمه وليس أباه وناداه أبتاه لأنه هو الذي رباه. مختصر سيرته يذكر القرآن قصته مع قومه حيث دعاهم إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة الله وحده، فأبوا محتجين بتمسكهم بدين آبائهم، لكن إبراهيم كسر أصنامهم باستثناء أكبر تلك الأصنام أثناء غيابهم Ra bracket.png فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ Aya-58.png La bracket.png (سورة الأنبياء، الآية 58). وعندما اكتشفوا ذلك قرروا حرقه في النار إلا أن مشيئة الله -كما في القرآن- جعلت من النار برداً وسلاما عليه Ra bracket.png قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ Aya-69.png La bracket.png (سورة الأنبياء، الآية 69)، وتميّز خطاب إبراهيم في القرآن بالصيغ الاستفهامية متعددة الأغراض، وفي ذلك قوة تعبيرية موجزة. ثم هاجر إبراهيم إلى فلسطين وسكن قرب قرية أربع (وهي مدينة كنعانية) في المكان الذي أنشأت فيه فيما بعد مدينة الخليل، وفيها الحرم الإبراهيمي الذي يعتقد أنه مدفون فيه. عندما ذهب إلى مصر تزوج هاجر وأنجبت له إسماعيل، أما زوجته الأولى سارة فأنجبت له فيما بعد إسحاق، وكلاهما من الأنبياء. روى البخاري في صحيحه قال: أولُ ما اتَّخَذَ النساءُ المِنْطَقَ من قبلِ أم إسماعيلَ، اتخذتْ مِنْطَقًا لتُعفي أَثَرها على سارةَ، ثم جاء بها إبراهيمُ وبابنها إسماعيلَ وهي ترضعُهُ، حتى وضعها عند البيتِ، عند دَوْحَةٍ فوق زمزم في أعلى المسجدِ، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ، وليس بها ماءٌ، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جِرَابًا فيهِ تمرٌ، وسقاءً فيهِ ماءٌ، ثم قَفَّى إبراهيمُ منطلقًا، فتبعتْهُ أمُّ إسماعيلَ، فقالت : يا إبراهيمُ، أين تذهبُ وتتركنا بهذا الوادي، الذي ليس فيهِ إنسٌ ولا شيٌء ؟ فقالت لهُ ذلك مرارًا، وجعل لا يتلفتُ إليها، فقالت لهُ : آللهُ الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم، قالت : إذن لا يُضَيِّعُنَا، ثم رجعتُ، فانطلقَ إبراهيمُ حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ حيثُ لا يرونَهُ، استقبلَ بوجهِهِ البيتَ، ثم دعا بهؤلاءِ الكلماتِ، ورفع يديهِ فقال : رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ - حتى بلغ - يَشْكُرُونَ. وجعلت أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ وتشربُ من ذلك الماءِ، حتى إذا نفذَ ما في السِّقَاءِ عطشتْ وعطشَ ابنها، وجعلت تنظرُ إليهِ يَتَلَوَّى، أو قال يتلبَّطُ، فانطلقت كراهيةَ أن تنظرَ إليهِ، فوجدتِ الصفا أقربُ جبلٍ في الأرضِ يليها، فقامت عليهِ، ثم استقبلتِ الوادي تنظرُ هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا، فهبطتْ من الصفا حتى إذا بلغتِ الوادي رفعتْ طرفَ درعها، ثم سعت سعيَ الإنسانِ المجهودِ حتى إذا جاوزتِ الوادي، ثم أتتِ المروةَ فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا، ففعلت ذلك سبعَ مراتٍ. قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (فذلك سعيُ الناسِ بينهما). فلما أشرفت على المروةِ سمعت صوتًا، فقالت صَهْ - تريدُ نفسها - ثم تَسَمَّعَتْ، فسمعت أيضًا، فقالت : قد أُسْمِعْتُ إن كان عندكَ غَوَاثٌ، فإذا هي بالمَلَكِ عند موضعِ زمزمَ، فبحث بعقبِهِ، أو قال : بجناحِهِ، حتى ظهرِ الماءِ، فجعلت تَحُوضُهُ وتقولُ بيدها هكذا، وجعلت تغرُفُ من الماءِ في سقائها وهو يفورُ بعد ما تغرفُ. قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (يرحمُ اللهُ أم إسماعيلَ، لو كانت تركت زمزمَ - أو قال : لو لم تغرف من الماءِ - لكانت زمزمُ عينًا معينًا). قال : فشربت وأرضعتْ ولدها، قال لها الملَكُ : لا تخافوا الضَّيْعَةَ، فإنَّ ها هنا بيتُ اللهِ، يبني هذا الغلامُ وأبوهُ، وإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهلَهُ. وكان البيتُ مرتفعًا من الأرضِ كالرابيةِ، تأتيهِ السيولُ، فتأخذُ عن يمينِهِ وشمالِهِ، فكانت كذلك حتى مَرَّتْ بهم رفقةٌ من جُرْهُمَ، أو أهلُ بيتٍ من جُرْهُمَ، مقبلينَ من طريقِ كَدَاءٍ، فنزلوا في أسفلِ مكةَ، فرأوا طائرًا عائفًا، فقالوا : إنَّ هذا الطائرَ ليدورُ على ماءٍ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيهِ ماءٌ، فأرسلوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فإذا هم بالماءِ، فرجعوا فأخبروهم بالماءِ فأقبلوا، قال : وأمُّ إسماعيلَ عند الماءِ، فقالوا : أتأذنينَ لنا أن ننزلَ عندكِ ؟ فقالت : نعم، ولكن لا حقَّ لكم في الماءِ، قالوا : نعم. قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (فألفى ذلك أمُّ إسماعيلَ وهي تُحِبُّ الأُنْسَ). فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهلُ أبياتٍ منهم، وشبَّ الغلامُ وتعلَّمَ العربيةَ منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ، فلما أدركَ زوَّجوهُ امرأةً منهم، وماتت أمُّ إسماعيلَ، فجاء إبراهيمُ بعد ما تزوجَ إسماعيلُ يُطالعُ تَرِكَتَهُ، فلم يجد إسماعيلَ، فسأل امرأتَهُ عنهُ فقالت : خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت : نحنُ بشرٌ، نحنُ في ضيقٍ وشدةٍ، فشكت إليهِ، قال : فإذا جاء زوجكِ فاقرئي عليهِ السلامَ، وقولي لهُ يُغَيِّرْ عتبةَ بابِهِ، فلما جاء إسماعيلُ كأنَّهُ آنسَ شيءًا، فقال : هل جاءكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم، جاءنا شيخٌ كذا وكذا، فسأَلَنَا عنكَ فأخبرتُهُ، وسألني كيف عيشنا، فأخبرتُهُ أنَّا في جهدٍ وشدةٍ، قال : فهل أوصاكِ بشيٍء ؟ قالت : نعم، أمرني أن أقرأَ عليك السلامَ، ويقولُ : غَيِّرْ عتبةَ بابكَ، قال : ذاك أبي، وقد أمرني أن أُفَارِقَكِ، الحقي بأهلِكِ، فطلَّقها، وتزوَّجَ منهم أخرى، فلبثَ عنهم إبراهيمُ ما شاء اللهُ، ثم أتاهم بعدُ فلم يجدْهُ، فدخل على امرأتِهِ فسألها عنهُ، قالت : خرج يبتغي لنا، قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، قالت : نحنُ بخيرٍ وسِعَةٍ، وأثنتْ على اللهِ. فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحمُ. قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماءُ. قال : اللهمَّ بارِكْ في اللحمِ والماءِ. قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : (ولم يكن لهم يومئذٍ حَبٌّ، ولو كان لهم دعا لهم فيهِ). قال : فهما لا يَخلو عليهما أحدٌ بغيرِ مكةَ إلا لم يُوافقاهُ. قال : فإذا جاء زوجكِ فاقرئي عليهِ السلامَ، ومُرِيهِ يُثَبِّتْ عتبةَ بابِهِ، فلما جاء إسماعيلُ قال : هل أتاكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم، أتانا شيخٌ حسنُ الهيئةِ، وأثنتْ عليهِ، فسألني عنك فأخبرتُهُ، فسألني كيف عيشنا فأخبرتُهُ أنَّا بخيرٍ، قال : فأوصاكِ بشيٍء، قالت : نعم، هو يقرأُ عليك السلامَ، ويأمرك أن تُثَبِّتْ عتبةَ بابكَ، قال : ذاك أبي وأنتِ العتبةُ، أمرني أن أُمْسِكَكِ، ثم لبث عنهم ما شاء اللهُ، ثم جاء بعد ذلك، وإسماعيلُ يَبْرِي نَبْلًا لهُ تحت دَوْحَةٍ قريبًا من زمزمَ، فلما رآهُ قام إليهِ، فصنعا كما يصنعُ الوالدُ بالولدِ والولدُ بالوالدِ، ثم قال : إنَّ اللهَ أمرني بأمرٍ، قال : فاصنع ما أمر ربكَ، قال : وتُعينني ؟ قال : وأُعينكَ، قال : فإنَّ اللهَ أمرني أن أبني ها هنا بيتا، وأشار إلى أَكْمَةٍ مرتفعةٍ على ما حولها، قال : فعند ذلك رفعا القواعدَ من البيتِ، فجعل إسماعيلُ يأتي بالحجارةِ وإبراهيمُ يبني، حتى إذا ارتفعَ البناءُ، جاء بهذا الحجرِ، فوضعَهُ لهُ فقام عليهِ، وهو يبني وإسماعيلُ يُنَأوِلُهُ الحجارةَ، وهما يقولانِ : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. قال : فجعلا يبنيانِ حتى يدورا حول البيتِ وهما يقولانِ : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ويمثل كتاب حياة إبراهيم أهمية خاصة لدى باحثي التراجم والأعلام؛ حيث يندرج كتاب حياة إبراهيم ضمن نطاق مؤلفات التراجم وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافة. .


هذا الكتاب من تأليف محمود شلبى و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

تحميل
التحميل حجم الكتاب
تحميل غير محدد فى الوقت الحالى
أضافة مراجعة
0.0 / 5
بناء على 0 مراجعة
1 (0)
2 (0)
3 (0)
4 (0)
5 (0)
كتب ذات صلة