بحث عن كتاب
كتاب تاريخ علماء الأندلس ط الغرب الإسلامي ج2 لعبد الله بن محمد ابن الفرضي ابو الوليد

تحميل كتاب تاريخ علماء الأندلس ط الغرب الإسلامي ج2 PDF

التصنيف : كتب إسلامية
سنة النشر : 2008
عدد الصفحات : غير محدد
عن الكتاب : 2008م - 1443هـ الأنْدَلُس أو الأنْدُلُس، المعروفة أيضًا في الخطاب الشعبي الغربي خُصوصًا والعربي والإسلامي أحيانًا باسم «إسپانيا الإسلاميَّة» أو «أيبيريا الإسلاميَّة»، هي إقليمٌ وحضارةٌ إسلاميَّة قروسطيَّة قامت في أوروپَّا الغربيَّة وتحديدًا في شبه الجزيرة الأيبيريَّة، على الأراضي التي تُشكِّلُ اليوم إسپانيا والپرتغال، وفي ذُروة مجدها وقوَّتها خلال القرن الثامن الميلاديّ امتدَّت وُصولًا إلى سپتمانيا في جنوب فرنسا المُعاصرة. غير أنَّ التسمية عادةً ما يُقصد بها فقط الإشارة إلى الأراضي الأيبيريَّة التي فتحها المُسلمون وبقيت تحت ظل الخِلافة الإسلاميَّة والدُويلات والإمارات الكثيرة التي قامت في رُبوعها وانفصلت عن السُلطة المركزيَّة في دمشق ومن ثُمَّ بغداد، مُنذ سنة 711م حتَّى سنة 1492م حينما سقطت الأندلس بيد اللاتين الإفرنج وأُخرج منها المُسلمون، علمًا أنَّه طيلة هذه الفترة كانت حُدودها تتغيَّر، فتتقلَّص ثُمَّ تتوسَّع، ثُمَّ تعود فتتقلَّص، وهكذا، استنادًا إلى نتائج الحرب بين المُسلمين والإفرنج. قُسِّمت الأندلس إلى خمس وحداتٍ إداريَّة بعد فتحها واستقرار الحُكم الإسلامي فيها، وتلك الوحدات تُقابلُ تقريبًا كُلًا من: منطقة أندلوسيا، والجُمهوريَّة الپرتغاليَّة، ومنطقة جليقية (غاليسيا)، ومنطقة أراگون المُعاصرة؛ ومنطقة قشتالة، ومملكة ليون، وكونتيَّة برشلونة، ومنطقة سپتمانيا التاريخيَّة. أمَّا من الناحية السياسيَّة، فقد كانت في بادئ الأمر تُشكِّلُ ولايةً من ولايات الدولة الأُمويَّة زمن الخليفة الوليد بن عبد الملك، وبعد انهيار الدولة الأُمويَّة وقيام الدولة العبَّاسيَّة، استقلَّ عبد الرحمٰن بن مُعاوية، وهو أحد أُمراء بني أُميَّة الناجين من سُيُوف العبَّاسيين، استقلَّ بالأندلس وأسس فيها إمارة قُرطُبة، فدامت 179 سنة، وقام بعدها عبد الرحمٰن الناصر لِدين الله بإعلان الخِلافة الأُمويَّة عوض الإمارة، لِأسبابٍ سياسيَّة خارجيَّة في الغالب، وقد تفككت الدولة الأخيرة في نهاية المطاف إلى عدَّة دُويلات وإمارات اشتهرت باسم «الطوائف». يُعدُّ فتح المُسلمين للأندلُس امتدادًا طبيعيًا لِفُتوح شمالي أفريقيا. والمعروف أنَّ المُسلمين وصلوا في فُتوحهم إلى المغرب الأقصى المُواجه لِشبه الجزيرة الأيبيريَّة في عهد الخليفة الأُموي الوليد بن عبد الملك الذي شجَّع هذا التوجّه وأعطى السياسة الخارجيَّة اهتمامًا خاصًا بعد أن كانت الأوضاع الدَّاخليَّة في الدولة الأُمويَّة هادئة ومُستقرَّة. وكان المُتعارف عليه أن يضطلع الوالي الذي فتح أراضٍ جديدة بفتح ما يليها لو توافرت الظُروف المُناسبة، وهكذا كان يُفترض أن يتولّى فاتحُ المغرب، وهو والي أفريقية حسَّان بن النُعمان، مُهمَّة فتح الأندلُس، لاسيَّما وأنَّ كان لهُ الفضل في تطهير منطقة المغرب من النُفوذ البيزنطي والقضاء على ثورة البربر الثانية، لكنَّهُ استُبدل بِقائدٍ آخر ما أن انتهى من حل المشاكل الخارجيَّة لِولايته، وكان هذا القائد هو مُوسى بن نُصير. غادر موسى بن نُصير مصر مُتجهًا إلى إفريقية يُرافقه أولاده الأربعة وهم مفطورون على التربية العسكريَّة، وما أن وصل وتولّى مقاليد الولاية حتَّى اهتمَّ بتثبيت دعائم النصر الذي حققه سلفه في المغربين الأدنى والأوسط، ففتح ما تبقّى من مُدنٍ وقلاع خارجة عن سيطرة المُسلمين، وأرسل أولاده في كُل اتجاه لِتثبيت أقدام المُسلمين في المناطق المفتوحة. وبعد هذه الانتصارات خضعت بلادُ المغرب كُلَّها، وأقبل البربر على اعتناق الإسلام، وتطوَّع الكثير منهم في الجُيوش كجُنودٍ مُحاربين، وقُدِّر لِبعضهم أن يُصبح أكثر حماسةً للإسلام من العرب أنفُسهم، وهذا التحوُّل الذي طرأ على وضع البربر كانت لهُ آثار إيجابيَّة في فتح الأندلُس بعد ذلك لِأنَّ مُعظم قبائل البربر أخذت، بعد اعتناقها الإسلام، تتوق إلى الحرب والجهاد. وقد أدرك موسى بن نُصير هذه النزعة فاستغلَّها بتوجيههم إلى الفُتوحات الخارجيَّة، ولم يكن أمامه في هذه الحالة سوى عُبور المضيق الفاصل بين المغرب وأيبيريا لِتحقيق هذا الغرض. لذريق (رودريك) ملك القوط الغربيين قبل الفتح الإسلامي للأندلُس. بقيت مدينة سبتة الواقعة على ساحل البحر المُتوسِّط المغربي خارج نطاق الدولة الأُمويَّة، وكانت تتبع، من الناحية النظريَّة، للإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، إلَّا أنَّ هذه الأخيرة فقدت تأثيرها الفعلي على هذا الجُزء من الشمال الأفريقي، بِفعل بُعدها عن مركز العاصمة، الأمر الذي جعل حاكمها يوليان مُستقلًا على الشريط الساحلي المُمتد بين طنجة وسبتة، ويتوجَّه في وقت الشِّدَّة إلى مملكة القوط الغربيين (المُمتدَّة عبر أغلب أنحاء إسپانيا والپرتغال المُعاصرتين وقسمٌ بسيط من جنوب فرنسا). وكان يوليان هذا على صِلاتٍ حسنةٍ مع مُلوك القوط السَّابقين، وهم آل غيشطة، وكان رسولهم إلى المُسلمين، وكان بينه وبين لذريق (رودريك) ملك القوط آنذاك حقدٌ وعداوة، وتُشير المصادر العربيَّة والإسلاميَّة القديمة إلى أنَّ ذلك كان بسبب اعتداء لذريق على ابنة يوليان واغتصابها بعد أن أرسلها والدها إلى البلاط الملكي في طُليطلة، جريًا على العادة، لِتتربى تربية الأميرات. ولمَّا تاخم المُسلمون حُدود كونتيَّة سبتة، وجد يوليان في قوَّتهم خير من يُساعده في تحقيق أهدافه القاضية بالانتقام من لذريق ومُعاونة حُلفاءه آل غيشطة، فاتصل بمولى مُوسى بن نُصير أمير طنجة المدعو طارق بن زياد، وعرض عليه أن يؤدي دور الوسيط بين المُسلمين والغيشطيين والتيَّار المُناوئ للملك القوطي، واقترح عليه غزو أيبيريا بعد أن بيَّن لهُ حسنها وفضلها وما تحويه من الخيرات وهوَّن عليه حال رجالها ووصفهم بالضعف. وبادر طارق بن زياد بالاتصال بموسى بن نُصير وأبلغه بما عرضه عليه يوليان لاتخاذ القرار بهذا الشأن. والواقع أنَّهُ لم يكن لدى موسى بن نُصير ما يدعوه إلى رفض هذه الفكرة، ذلك أنَّ الأمر قد يتطوَّر إلى صورة فتح إسلامي شامل لِهذا البلد ويُدخلهُ في دائرة الدولة الإسلاميَّة. إلَّا أنَّ عملًا ضخمًا من هذا النوع، لا بُد وأن ينال مُوافقة الخِلافة في دمشق، لذا كتب موسى إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يُبلغه بما عرضه يُوليان ويستأذنه بالعُبور، فردَّ الوليد عليه بأن يتروّى ويختبر البلاد بالسرايا أولًا. بناءً على هذا، أرسل موسى أحد القادة ويُدعى طريف بن مالك المعافري، وهو من البربر، على رأس قُوَّةٍ عسكريَّة تُقدَّر بِأربعمئة راجل ومئة فارس، في مُهمَّةٍ استطلاعيَّة، وأمره بالقيام بالغارة على ساحل أيبيريا الجنوبي، وكان ذلك سنة 91هـ المُوافقة لِسنة 710م. نزل طريف وجُنوده في جزيرة «پالوماس» (التي سُميت باسمه مُنذ ذلك الحين)، وأغار على المناطق التي تليها إلى جهة الجزيرة الخضراء وعاد مُحمَّلًا بالغنائم، ومُقتنعًا بضعف وسائل الدفاع الأيبيريَّة. شجَّع نجاح طريف موسى بن نُصير، فأرسل، في شهر رمضان سنة 92هـ المُوافق فيه شهر حُزيران (يونيو) سنة 711م، قُوَّةً عسكريَّةً قوامها سبعة آلاف مُقاتل، تألَّفت غالبيَّتُها من البربر، بِقيادة مولاه ونائبه على طنجة طارق بن زياد. عبر طارق المضيق، ونزل تجاه الجزيرة الخضراء عند صخرة الأسد، وسيطر على الجبل بعد أن اصطدم بالحامية القُوطيَّة. وقد حمل الجبل مُنذ ذلك الوقت اسمه، فدُعي «جبل طارق» وعُرف المضيق بمضيق جبل طارق. أقام القائدُ المُسلم عدَّة أيَّام في قاعدة الجبل، نظَّم خلالها جيشه، وأعدَّ خطَّة لِفتح القلاع القريبة والتوغُّل في عُمق أيبيريا، ونجح في فتح بعض القلاع والمُدن منها قرطاجنة والجزيرة الخضراء، ثُمَّ تقدَّم باتجاه الغرب حتَّى بلغ بُحيرة خندة جنوبي غربي أيبيريا التي يقطعها نهر برباط عبر وادي لكة الشهير، وعسكر هُناك. وعلم بواسطة جواسيسه بأنباء الحُشود الضخمة التي حشدها لذريق الذي تقدَّم باتجاه القُوَّات الإسلاميَّة، وعسكر على الضفَّة المُقابلة للنهر. وبدا الفرق واضحًا بين القُوَّتين كبيرًا ممَّا دفع طارق إلى طلب النجدة من موسى بن نُصير، الذي كان يُراقب باهتمام أخبار الحملة من السَّاحل الأفريقيّ. فأمدَّهُ بخمسة آلاف مُقاتل. يُعد كتاب تاريخ علماء الأندلس من التراجم الهامة والتي يلجأ إليها كُل باحث في التاريخ الأندلسي يتناول المؤلف حياة الفقهاء والعلماء، فيتناول أحدهم من مولده لوفاته وبينهما سيرته العلمية ومنهجه العلمي مع ذكر مؤلفاته إن وجدت كتوثيق لمسيرته العلمية وهذا التوثيق مهم لتاريخ الحركة العلمية في الأندلس. فالكتاب إذن، تراجم مختصرة لعلماء الأندلس من لدن فتحها، حتى عصر ابن الفرضي، وطريقته في ترجمة كل شخص: أن يذكر نسبه، وبلده، ومن أخذ عنهم العلم، ومن أخذوا عنه، ومحله من صنوف العلم أو المناصب. .
أعلان

نبذة عن كتاب تاريخ علماء الأندلس ط الغرب الإسلامي ج2

كتاب تاريخ علماء الأندلس ط الغرب الإسلامي ج2

2008م - 1443هـ الأنْدَلُس أو الأنْدُلُس، المعروفة أيضًا في الخطاب الشعبي الغربي خُصوصًا والعربي والإسلامي أحيانًا باسم «إسپانيا الإسلاميَّة» أو «أيبيريا الإسلاميَّة»، هي إقليمٌ وحضارةٌ إسلاميَّة قروسطيَّة قامت في أوروپَّا الغربيَّة وتحديدًا في شبه الجزيرة الأيبيريَّة، على الأراضي التي تُشكِّلُ اليوم إسپانيا والپرتغال، وفي ذُروة مجدها وقوَّتها خلال القرن الثامن الميلاديّ امتدَّت وُصولًا إلى سپتمانيا في جنوب فرنسا المُعاصرة. غير أنَّ التسمية عادةً ما يُقصد بها فقط الإشارة إلى الأراضي الأيبيريَّة التي فتحها المُسلمون وبقيت تحت ظل الخِلافة الإسلاميَّة والدُويلات والإمارات الكثيرة التي قامت في رُبوعها وانفصلت عن السُلطة المركزيَّة في دمشق ومن ثُمَّ بغداد، مُنذ سنة 711م حتَّى سنة 1492م حينما سقطت الأندلس بيد اللاتين الإفرنج وأُخرج منها المُسلمون، علمًا أنَّه طيلة هذه الفترة كانت حُدودها تتغيَّر، فتتقلَّص ثُمَّ تتوسَّع، ثُمَّ تعود فتتقلَّص، وهكذا، استنادًا إلى نتائج الحرب بين المُسلمين والإفرنج. قُسِّمت الأندلس إلى خمس وحداتٍ إداريَّة بعد فتحها واستقرار الحُكم الإسلامي فيها، وتلك الوحدات تُقابلُ تقريبًا كُلًا من: منطقة أندلوسيا، والجُمهوريَّة الپرتغاليَّة، ومنطقة جليقية (غاليسيا)، ومنطقة أراگون المُعاصرة؛ ومنطقة قشتالة، ومملكة ليون، وكونتيَّة برشلونة، ومنطقة سپتمانيا التاريخيَّة. أمَّا من الناحية السياسيَّة، فقد كانت في بادئ الأمر تُشكِّلُ ولايةً من ولايات الدولة الأُمويَّة زمن الخليفة الوليد بن عبد الملك، وبعد انهيار الدولة الأُمويَّة وقيام الدولة العبَّاسيَّة، استقلَّ عبد الرحمٰن بن مُعاوية، وهو أحد أُمراء بني أُميَّة الناجين من سُيُوف العبَّاسيين، استقلَّ بالأندلس وأسس فيها إمارة قُرطُبة، فدامت 179 سنة، وقام بعدها عبد الرحمٰن الناصر لِدين الله بإعلان الخِلافة الأُمويَّة عوض الإمارة، لِأسبابٍ سياسيَّة خارجيَّة في الغالب، وقد تفككت الدولة الأخيرة في نهاية المطاف إلى عدَّة دُويلات وإمارات اشتهرت باسم «الطوائف». يُعدُّ فتح المُسلمين للأندلُس امتدادًا طبيعيًا لِفُتوح شمالي أفريقيا. والمعروف أنَّ المُسلمين وصلوا في فُتوحهم إلى المغرب الأقصى المُواجه لِشبه الجزيرة الأيبيريَّة في عهد الخليفة الأُموي الوليد بن عبد الملك الذي شجَّع هذا التوجّه وأعطى السياسة الخارجيَّة اهتمامًا خاصًا بعد أن كانت الأوضاع الدَّاخليَّة في الدولة الأُمويَّة هادئة ومُستقرَّة. وكان المُتعارف عليه أن يضطلع الوالي الذي فتح أراضٍ جديدة بفتح ما يليها لو توافرت الظُروف المُناسبة، وهكذا كان يُفترض أن يتولّى فاتحُ المغرب، وهو والي أفريقية حسَّان بن النُعمان، مُهمَّة فتح الأندلُس، لاسيَّما وأنَّ كان لهُ الفضل في تطهير منطقة المغرب من النُفوذ البيزنطي والقضاء على ثورة البربر الثانية، لكنَّهُ استُبدل بِقائدٍ آخر ما أن انتهى من حل المشاكل الخارجيَّة لِولايته، وكان هذا القائد هو مُوسى بن نُصير. غادر موسى بن نُصير مصر مُتجهًا إلى إفريقية يُرافقه أولاده الأربعة وهم مفطورون على التربية العسكريَّة، وما أن وصل وتولّى مقاليد الولاية حتَّى اهتمَّ بتثبيت دعائم النصر الذي حققه سلفه في المغربين الأدنى والأوسط، ففتح ما تبقّى من مُدنٍ وقلاع خارجة عن سيطرة المُسلمين، وأرسل أولاده في كُل اتجاه لِتثبيت أقدام المُسلمين في المناطق المفتوحة. وبعد هذه الانتصارات خضعت بلادُ المغرب كُلَّها، وأقبل البربر على اعتناق الإسلام، وتطوَّع الكثير منهم في الجُيوش كجُنودٍ مُحاربين، وقُدِّر لِبعضهم أن يُصبح أكثر حماسةً للإسلام من العرب أنفُسهم، وهذا التحوُّل الذي طرأ على وضع البربر كانت لهُ آثار إيجابيَّة في فتح الأندلُس بعد ذلك لِأنَّ مُعظم قبائل البربر أخذت، بعد اعتناقها الإسلام، تتوق إلى الحرب والجهاد. وقد أدرك موسى بن نُصير هذه النزعة فاستغلَّها بتوجيههم إلى الفُتوحات الخارجيَّة، ولم يكن أمامه في هذه الحالة سوى عُبور المضيق الفاصل بين المغرب وأيبيريا لِتحقيق هذا الغرض. لذريق (رودريك) ملك القوط الغربيين قبل الفتح الإسلامي للأندلُس. بقيت مدينة سبتة الواقعة على ساحل البحر المُتوسِّط المغربي خارج نطاق الدولة الأُمويَّة، وكانت تتبع، من الناحية النظريَّة، للإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، إلَّا أنَّ هذه الأخيرة فقدت تأثيرها الفعلي على هذا الجُزء من الشمال الأفريقي، بِفعل بُعدها عن مركز العاصمة، الأمر الذي جعل حاكمها يوليان مُستقلًا على الشريط الساحلي المُمتد بين طنجة وسبتة، ويتوجَّه في وقت الشِّدَّة إلى مملكة القوط الغربيين (المُمتدَّة عبر أغلب أنحاء إسپانيا والپرتغال المُعاصرتين وقسمٌ بسيط من جنوب فرنسا). وكان يوليان هذا على صِلاتٍ حسنةٍ مع مُلوك القوط السَّابقين، وهم آل غيشطة، وكان رسولهم إلى المُسلمين، وكان بينه وبين لذريق (رودريك) ملك القوط آنذاك حقدٌ وعداوة، وتُشير المصادر العربيَّة والإسلاميَّة القديمة إلى أنَّ ذلك كان بسبب اعتداء لذريق على ابنة يوليان واغتصابها بعد أن أرسلها والدها إلى البلاط الملكي في طُليطلة، جريًا على العادة، لِتتربى تربية الأميرات. ولمَّا تاخم المُسلمون حُدود كونتيَّة سبتة، وجد يوليان في قوَّتهم خير من يُساعده في تحقيق أهدافه القاضية بالانتقام من لذريق ومُعاونة حُلفاءه آل غيشطة، فاتصل بمولى مُوسى بن نُصير أمير طنجة المدعو طارق بن زياد، وعرض عليه أن يؤدي دور الوسيط بين المُسلمين والغيشطيين والتيَّار المُناوئ للملك القوطي، واقترح عليه غزو أيبيريا بعد أن بيَّن لهُ حسنها وفضلها وما تحويه من الخيرات وهوَّن عليه حال رجالها ووصفهم بالضعف. وبادر طارق بن زياد بالاتصال بموسى بن نُصير وأبلغه بما عرضه عليه يوليان لاتخاذ القرار بهذا الشأن. والواقع أنَّهُ لم يكن لدى موسى بن نُصير ما يدعوه إلى رفض هذه الفكرة، ذلك أنَّ الأمر قد يتطوَّر إلى صورة فتح إسلامي شامل لِهذا البلد ويُدخلهُ في دائرة الدولة الإسلاميَّة. إلَّا أنَّ عملًا ضخمًا من هذا النوع، لا بُد وأن ينال مُوافقة الخِلافة في دمشق، لذا كتب موسى إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يُبلغه بما عرضه يُوليان ويستأذنه بالعُبور، فردَّ الوليد عليه بأن يتروّى ويختبر البلاد بالسرايا أولًا. بناءً على هذا، أرسل موسى أحد القادة ويُدعى طريف بن مالك المعافري، وهو من البربر، على رأس قُوَّةٍ عسكريَّة تُقدَّر بِأربعمئة راجل ومئة فارس، في مُهمَّةٍ استطلاعيَّة، وأمره بالقيام بالغارة على ساحل أيبيريا الجنوبي، وكان ذلك سنة 91هـ المُوافقة لِسنة 710م. نزل طريف وجُنوده في جزيرة «پالوماس» (التي سُميت باسمه مُنذ ذلك الحين)، وأغار على المناطق التي تليها إلى جهة الجزيرة الخضراء وعاد مُحمَّلًا بالغنائم، ومُقتنعًا بضعف وسائل الدفاع الأيبيريَّة. شجَّع نجاح طريف موسى بن نُصير، فأرسل، في شهر رمضان سنة 92هـ المُوافق فيه شهر حُزيران (يونيو) سنة 711م، قُوَّةً عسكريَّةً قوامها سبعة آلاف مُقاتل، تألَّفت غالبيَّتُها من البربر، بِقيادة مولاه ونائبه على طنجة طارق بن زياد. عبر طارق المضيق، ونزل تجاه الجزيرة الخضراء عند صخرة الأسد، وسيطر على الجبل بعد أن اصطدم بالحامية القُوطيَّة. وقد حمل الجبل مُنذ ذلك الوقت اسمه، فدُعي «جبل طارق» وعُرف المضيق بمضيق جبل طارق. أقام القائدُ المُسلم عدَّة أيَّام في قاعدة الجبل، نظَّم خلالها جيشه، وأعدَّ خطَّة لِفتح القلاع القريبة والتوغُّل في عُمق أيبيريا، ونجح في فتح بعض القلاع والمُدن منها قرطاجنة والجزيرة الخضراء، ثُمَّ تقدَّم باتجاه الغرب حتَّى بلغ بُحيرة خندة جنوبي غربي أيبيريا التي يقطعها نهر برباط عبر وادي لكة الشهير، وعسكر هُناك. وعلم بواسطة جواسيسه بأنباء الحُشود الضخمة التي حشدها لذريق الذي تقدَّم باتجاه القُوَّات الإسلاميَّة، وعسكر على الضفَّة المُقابلة للنهر. وبدا الفرق واضحًا بين القُوَّتين كبيرًا ممَّا دفع طارق إلى طلب النجدة من موسى بن نُصير، الذي كان يُراقب باهتمام أخبار الحملة من السَّاحل الأفريقيّ. فأمدَّهُ بخمسة آلاف مُقاتل. يُعد كتاب تاريخ علماء الأندلس من التراجم الهامة والتي يلجأ إليها كُل باحث في التاريخ الأندلسي يتناول المؤلف حياة الفقهاء والعلماء، فيتناول أحدهم من مولده لوفاته وبينهما سيرته العلمية ومنهجه العلمي مع ذكر مؤلفاته إن وجدت كتوثيق لمسيرته العلمية وهذا التوثيق مهم لتاريخ الحركة العلمية في الأندلس. فالكتاب إذن، تراجم مختصرة لعلماء الأندلس من لدن فتحها، حتى عصر ابن الفرضي، وطريقته في ترجمة كل شخص: أن يذكر نسبه، وبلده، ومن أخذ عنهم العلم، ومن أخذوا عنه، ومحله من صنوف العلم أو المناصب. .


هذا الكتاب من تأليف عبد الله بن محمد ابن الفرضي ابو الوليد و حقوق الكتاب محفوظة لصاحبها

تحميل
التحميل حجم الكتاب
تحميل غير محدد فى الوقت الحالى
أضافة مراجعة
0.0 / 5
بناء على 0 مراجعة
1 (0)
2 (0)
3 (0)
4 (0)
5 (0)
كتب ذات صلة